ميتافيزيقيا المصريين..الجزء الرابع..حصاد 2011…الأخلاق و الدين و الفكر


الى جانب حديثى السابق عن دور الاعلام اللولبى الخزعبلى خلال الثورة وقتها و بعدها و حتى لحظتنا هذه…
أحب أن أكمل حصادى هذا العام بالحديث عن الأخلاق-وهى تنبثق من مدى تطبيق الدين فى المجتمع-و علاقتها بالثورة منذ البداية حتى الآن…
انما الأمم الأخلاق ما بقيت…كما قال الشاعر…
بدأنا الثورة بلا عنوان محدد أو قائد معين…وهو ما أكسبها طعما خاصا…واكسبها التجمع الشعبى…
بدأت ثورتنا كما يكتبوا فى المدارس…جميلة نطيفة متطورة…
تجمع الشعب…تحت هدف واحد…القضاء على الظلم المتفشى خلال عشرات الأعوام السابقة…ووجدها الكثيرون فرصة…لتغيير البلد نحو اتجاه أفضل…
ولكن يبقى السؤال عن مدى استعداد الناس بوجه عام لاحداث تغيير حقيقى و جذرى…ينتقل بنا نحو الأفضل…
وهذا يعتمد على عدد من الأمور…الفكر العام و درجة الثقافة العامة…ومن الملاحظ ان الاثنان فى مرحلة اللغوصة…فالثقافة فى النازل…وهذا كنتيجة حتمية لقلة القراءة بشكل عام…وقلة البحث,وانحدار المستوى التعليمى و الأخلاقى فى المدارس المختلفة…

عنوان المقالة يجمع ثلاث كلمات: الدين و الأخلاق و الفكر

نظريا…فان الدين…المنزل من الله…ما هو الا أداة لتقويم فكر البشر و أخلاقهم عن طريق بناء مجتمعات بشرية تحتوى التعاملات السليمة وتضمن حقوق كل أفراد هذا المجتمع…

اذا بانهيار الدين…تنهار الأخلاق…ويتبعها انهيار الفكر…وخصوصا اذا كان الاسلوب التعليمى و التربوى فى الزلابية كما فى أيامنا هذه وما سبق منها…

دعونا نطبق الثلاث كلمات معا…على المجتمع المصرى…

فلنبدأ بأخلاق…وهى مستمدة من البيئة المحيطة للفرد…فكبداية…يتعلم الطفل الأخلاق من والديه…ثم يذهب الى المدرسة والتى تكون لها نصيب الأسد فى تحديد أخلاق الطفل لأنها بمثابة مجتمعه وعمله خارج منزله…ويستمد الباقى من وسائل الاعلام أولها التليفزيون كوسيلة موجودة تقريبا فى كل البيوت المصرية…

كمرحلة أولى…يتعلم الطفل من والديه القليل…حتى سن الخامسة أو السادسة حين يكون موعد دخوله المدرسة فيصتدم بالحياة الخارجية…

وأعتقد لا حاجة لى لشرح تربويات المدارس فى الوقت الحالى…فهو أمر واضح لكل ذى عينين و اذنين و أنف…المدرسون أنفسهم يسبوا الأطفال بأفظع الألفاظ…العلاقة الخاطئة بين المدرس و الطالب بعد تفشى عملية الدروس الخصوصية…

من الآخر فقدت معظم المدارس وسائلها التربوية للكثير من الأسباب…

ومن ناحية أخرى…السينما و التليفزيون و الانترنت المفتوح-على مصراعيه-هم أيضا وسائل لتعليم الأطفال…

لما الطفل يسمع الشتايم فى التليفزيون و يشوف “المناظر” الساخنة و الباردة ويعرض عليه كل ما هو فاسد…فبحق السماء كيف سيفكر أو سيتعامل فيما بعد؟؟؟

نشكر وزارة الاتصالات قطعا على خدمات الانترنت-وهى أحد أسباب قيام الثورة-ولكن أعاتبهم أمرا…بالله عليكم ما تعرفوا تقفلوا لمواقع اللامؤاخذة مش كويسة؟؟؟ ده انتوا قفلتوا الفيس بوك…ممكن دى تتقفل كمان…بدليل الاشتراكات العائلية المقدمة من المصرية لنقل البيانات وهى خدمة تضمن عدم العك فى الحاجات”الوحشة”…..!!!

ما أحاول الوصول اليه…ان تدمير و ليس تعليم الأطفال تم بصورة منظمة جدا…لهدم ثقافتهم الدينية و الأخلاقية بكل شكل ممكن…وحدث ذلك برعاية الآباء و الأمهات فى المنازل اللى خلوا حاجات كتير قوى تبقى “عادى”…

هذا الكلام بعيد كل البعد عن العملية التعليمية ذاتها…والتى لا تتضمن أى ثقافة أو أى وعى سياسى أو اقتصادى أو أى حاجة…شوية أساسيات يحفظوها العيال و دمتم…وبعد تردى أحوال المدرسين لم يكن هناك الا الدروس الخصوصية و التى زادت الطين طينا….!!!!

عدم الاهتمام بالمواد الدينية ككل…أمر شديد السوء و نتائجه معروفة…

تحول المعلم المربى الى صديق الطلبة ان ماكانش بيضرب معاهم سيجارة بعد المدرسة…..!!!!

وحديثا…نشأ جيل ال15 و 16…هو جيل واعى صراحة…ولكنى أستشعر دوما أمريكيته الشكلية و الفكرية…ويؤخذ هذا الأمر على الأهالى من نوعية “العادى” و وسائل الاعلام الحديثة….ده حتى قنوات الأطفال أمثال نيكولوديون بتعرض ست كوم أمريكانى…وبه لقطات محذوفة….أصلها لا تناسب الأطفال….

عملية تدميرية كاملة للدين و الأخلاق و مسخ الفكر للنشىء…ونجحت حتى هذه اللحظة…

أنا حبيت أذكر الاطفال أو المراهقين لأنهم الأجيال القريبة القادمة…

نرجع بقى لأهل البلد و كبارها…

أولا…وقبل البداية…أحب أن أعلن عن شعورى-بصراحة شديدة-أن الشعب المصرى صار شعبا منافقا…

دينيا…وقد ذكرتها قبلا…ترى الرجال يتهافتون على ترشيح الاخوان و السلف-لا أتحدث سياسيا هنا-من أجل رغبتهم فى تطبيق شريعة الله…وتجدهم يشاهدون قنوات التت و المولد على القهاوى…

وكذلك آخرين…يصلى طول النهار و يتفرج على أفلام “حلوة” باليل….!!!!

تحت شعار:”ساعة لقلبك و ساعة لربك”…

ترى دوما الشىء و نقيضه…ترى الرجل مطلق لحيته محتذيا سنة النبى عليه الصلاة و السلام…وفجأة يسب شخص ما بأفظع الألفاظ…

أليس هذا بالنفاق..؟؟ طبعا ده بعيدا عن النفاق الاعلامى….!!!

نفاق دينى صريح…تراه فى السياسة و خارجها…وهذا النفاق أساسه ضعف العقيدة و الفكر المريض…

أخلاقيا…ترى شابا يحيى صديقه…ازيك يا .. … و عامل ايه ياض يا ابن …… و حاجات من كده…

أخلاقيات القيادة…لا أتحدث عن المواصلات العامة…بل و الخاصة أيضا…

سب و قذف الناس أصبح من أتفه الأمور و أسهلها حدوثا….

هل هذا أمر طبيعى؟؟ هل فقدان الثقة مع معظم من نتعامل أمر طبيعى؟؟؟ هل المعاكسات فى الشوارع أمر طبيعى؟؟؟ من المخطىء….الشاب “قليل الأدب” أم الفتاة”المتدلعة”؟؟؟؟ و أكاد أقسم انى رأيت معاكسات كثيرة والفتيات و الشباب سعداء…فهذا ليس رجلا و هذه ليست محترمة…فى تقييمى المتواضع…

بعد الثورة…توقعت أن تحدث المشكلات فى المصالح الحكومية لأن الناس ترفض الآن أن تدفع الرشاوى…وهو ما لم يحدث…فاجأنى تصرف البعض بدفع الرشاوى مقدما دون طلب حتى….ليضمن حصوله على الخدمة بشكل جيد!!!!

اذا فهو لم يحاول فى الأساس!!!

لم يحاول أن يغير تصرفه أو خلقه…لأنه اعتاد ذلك…ولله الأمر…

فكريا لفت انتباهى عدة أمور…ربما أبرزها تقييمات مشاهدى التليفزيون لعمليات ضرب و قتل المتظاهرين…تحت شعار..يستاهلوا…أصلهم بيخربوا البلد-برعاية الاعلام-

كيف أصبح القتل أمرا نتناقش فيه…هل كان يستحقه أم لا؟؟؟

بالراحة كده…هو الحرامى مثلا يستحق القتل؟؟؟ حسب ما أعرف ان الحرامى اما يتحبس بالقانون أو تقطع يده بالدين-بالنسبة للمسلمين-ولكنه لا يستحق القتل…

ملحوظة:أنا لا أهتم بالحرامية الآن…

بمساعدة الاعلام…تكون ملايين الخبراء الاستراتيجيين فى المنازل…وصار لهم الحق فى تقييم الأمور…حتى القتل…مثل قول:بلطجية و يستاهلوا…وهم لم يكلفوا أنفسهم عناء زيارة موقع الحدث…!! اكتفوا بالتليفزيون…

فكرة أخرى…وهى قصة سحل الفتاة…لاحظت الناس تتحدث…ايه اللى وداها…وايه اللى ملبسها على اللحم فى الشتاء….عذرا و انتوا مال أبوكم؟؟؟

يغيظنى فى الشعب المصرى فى بعض الأوقات…فذلكته الزائدة عن الحد…اظهار مبررات و البحث فى ما وراء الطبيعة لمعرفة الأسباب…وترك القضية الأساسية…وهى ضرب فتاة…

ما علينا…سيبك من دى…فى شباب كتير اتضربوا و اتعموا…وماتوا بالمرة بقى…وصار معظمهم مخربون و بلطجية…وآخر البلطجية دكتور و شيخ و مهندس…ده البلطجية عندنا شهادات بقى….!!

ما علينا….

أسوأ ما فينا…انتقاد الآخرين…و نحن مثلهم…بل و ربما أسوأ منهم حالا…

نحن لسنا آلهة تحاسب البشر…نحن بشر ننتظر أن نحاسب…فبالله عليكم بلاش الكلام فى أعراض الناس و سيرتهم…وخصوصا الموتى…

باختصار مرة أخرى…نحن ننافق أنفسنا…

دينيا…وأخلاقيا…

وفكريا…بنتكلم فى اللى ملناش فيه…و بنحلل كمان!!!

كيف لثورة مصر…بلاش ثورة الشباب علشان دى اتلزقت فيهم بالقصد علشان يبقوا بلطجية…أن تنجح و نحن فى ما نحن فيه؟؟؟

معلش….أخلاقنا…وديننا…وفكرنا فى الوقت الحالى لن يساعدونا على الاطلاق فى هذا الأمر…

قالوها منذ فترة…دعوة للثورة على النفس…قبل أن تهاجموا غيركم…حاسبوا أنفسكم…نحن بشر..كثيروا الخطأ…عادى…لا تطلق الأحكام من فضلك من أمام التليفزيون أو خلف الكيبورد….

مصر…وشعبها يحتاجا الى اعادة بناء للبنية التحتية بشكل كامل…الحل ليس فى شخص أو حزب…يجب أن يتوحد الجميع…يجب أن تكون أهدافنا واحدة…يجب أن نقتنع بأننا نعيش ظلما…يجب أن نحاول أن نغير هذا الوضع مهما حدث…

ويجب أن نغير من أنفسنا قبل تغيير الوضع…لأن معظم الناس كما لاحظت لا تريد التغيير…تريد الاستقرار الوهمى المرسوم….كيف اذا نغير فكر الناس…و أخلاقهم…؟؟!

مكتسبات ثورة يناير هى مكتسب واحد فقط:تجمع الناس خلف هدف واحد و وحدتهم معا طوال تلك الأيام…بما عدل فكرهم و أخلاقهم بنسبة كبيرة لفترة…وبعد هدوء الأوضاع النسبى و الشعور الوهمى بالنصر…تم الاستسلام مجددا لمخططات الداخل و الخارج و الاعلام…وتدمير ما اكتسبناه فى اسبوعين…

وللحديث بقية ان شاء الله…

ملحوظة:أتوجه بالشكر الشخصى للد.باسم يوسف…هذا الرجل الذى حاول قدر استطاعته توضيح الأمور و الواقع و بشكل كوميدى…جزاك الله خيرا…

 

Leave a comment